responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 193
الْكِتَابِ إِلَّا أَنَّ حُكْمَهَا يَشْمَلُ مَنْ يَرْتَكِبُ مِثْلَ صَنِيعِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الْحُكْمِ والعلّة فِيهِ.
[188]

[سُورَة آل عمرَان (3) : آيَة 188]
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (188)
تَكْمِلَةٌ لِأَحْوَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ بِبَيَانِ حَالَةِ خَلْقِهِمْ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ اخْتِلَالَ أَمَانَتِهِمْ فِي تَبْلِيغِ الدِّينِ، وَهَذَا ضَرْبٌ آخَرُ جَاءَ بِهِ فَرِيقٌ آخَرُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلِذَلِكَ عَبَّرَ عَنْهُمْ بِالْمَوْصُولِ لِلتَّوَصُّلِ إِلَى ذِكْرِ صِلَتِهِ الْعَجِيبَةِ مِنْ حَالِ مَنْ يَفْعَلُ الشَّرَّ وَالْخِسَّةَ ثُمَّ لَا يَقِفُ عِنْدَ حَدِّ الِانْكِسَارِ لِمَا فَعَلَ أَوْ تَطَلُّبِ السِّتْرِ عَلَى شَنْعَتِهِ، بَلْ يَرْتَقِي فَيَتَرَقَّبُ ثَنَاءَ النَّاسِ عَلَى سُوءِ صُنْعِهِ، وَيَتَطَلَّبُ الْمَحْمَدَةَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَالْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ الْخِطَابُ، وَالْمَوْصُولُ هُنَا بِمَعْنَى الْمُعَرَّفِ بلام الْعَهْد لأنّ أُرِيدَ بِهِ قَوْمٌ مُعَيَّنُونَ مِنَ الْيَهُودِ أَوِ الْمُنَافِقِينَ، فَمَعْنَى يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا أَنَّهُمْ يَفْرَحُونَ بِمَا فَعَلُوا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ نَبْذُ الْكِتَابِ وَالِاشْتِرَاءُ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا وإنّما فَرَحهمْ بِمَا نَالُوا بِفِعْلِهِمْ مِنْ نَفْعٍ فِي الدُّنْيَا.
وَمَعْنَى: يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ حَفَظَةُ الشَّرِيعَةِ وَحُرَّاسُهَا وَالْعَالِمُونَ بِتَأْوِيلِهَا، وَذَلِكَ خِلَافُ الْوَاقِعِ. هَذَا ظَاهِرُ مَعْنَى الْآيَةِ. وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ أَتَوْا إِضْلَالَ أَتْبَاعِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحَبُّوا الْحَمْدَ بِأَنَّهُمْ عُلَمَاءٌ بِكُتُبِ الدِّينِ.
وَفِي «الْبُخَارِيِّ» ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ، كَانُوا يَتَخَلَّفُونَ عَن الْغَزْو ويعتذرون بِالْمَعَاذِيرِ، فَيَقْبَلُ مِنْهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِأَنَّ لَهُمْ نِيَّةَ
الْمُجَاهِدِينَ، وَلَيْسَ الْمَوْصُولُ بِمَعْنَى لَامِ الِاسْتِغْرَاقِ. وَفِي «الْبُخَارِيِّ» : أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ لِبَوَّابِهِ: «اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 193
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست